القضاء الأردني يخطو أولى خطواته نحو قضاءٍ إلكتروني تسعة آلاف محاكمـــــــة (عن بُعد) أجريــــــت باستخدام تقنيات الاتصال المرئي خلال عام 2020

عقد عطوفة أمين عام المجلس القضائي صباح يوم الاربعاء الموافق 3/11/2021 مؤتمراً صحافياً استعرض به التقرير السنوي لأوضاع المحاكم النظامية والنيابة العامة والقضاء الإداري لعام 2020 .

وأنه ومـــــــع انطواء عام 2020 وما تخلله من تداعيات ألقت بظلالها جائحة فيروس كورونا على الأردن والعالم أجمع، والتي أحدثت تغُيراتٍ في سُبل ممارسة الأعمال وإنجازها، التي طرقت أبواب القطاعات الحكومية والأجهزة الرسمية والقطاعات الخاص كافة دون استثناء، وكان من أبرزها أعمال المحاكم والنيابة العامة التي شهدت ثورة تقنية لم تشهدها من قبل في إجراءات التقاضي اقتضتها ضرورة الحفاظ على الحق في الوصول إلى العدالة والحفاظ على الحقوق والحريات بالإبقاء على أبواب المحاكم مفتوحة أمام المتقاضين والحفاظ على الأمن المجتمعي ومحاربة الجريمة.

وإنطلاقاً من الدور الرئيس الذي يضطلع به المجلس القضائي في إدارة قطاع العدالة بالشراكة مع كافة شركائه من السلطة التنفيذية وسلطات انفاذ القانون، فقد تصدى المجلس لتداعيات الجائحة باتخاذه جملة من الإجراءات الوقائية والتنفيذية التي اتاحت للمحاكم والنيابة العامة الاستمرار في إنجاز أعمالها دون انقطاع وتأخير غير مبرر، بالتوازي مع الحفاظ على صحة السادة القضاة والكوادر الإدارية المساندة لهم والمتقاضين والحيلولة دون انتشار الفيروس في المحاكم ودوائر النيابة العامة،

 حيث أشار التقرير السنوي لأعمال المحاكم والنيابة العامة والقضاء الإداري للعام 2020 والذي تشرف رئيس المجلس القضائي برفعه إلى جلالة الملك عبدالله الثاني- حفظه الله- مؤخراً،  إلى أنه وبالرغم من التحديات التي فرضتها الجائحة ونتيجة الحظر الشامل والجزئي وعدم توافر البيئة الصحية والتجهيزات والمعدات التقنية وما أودت إليه من تعطل في عَقدْ عدد من المحاكمات المدنية في مختلف المحاكم، فقد تمكن المجلس من وضع خطة عمل طارئة استباقية ضمنت تواجد المدعين العامين في دوائر الادعاء العام والقضاة في المحاكم الابتدائية الجزائية للتحقيق ونظر مخالفات أوامر الدفاع على مدار الأسبوع، واستمرار محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف وهيئات محكمة البداية بصفتها الاستنئافية ودوائر النيابة العامة والنيابة العامة لدى محكمة الجنايات الكبرى في أعمالها وكذلك محاكم صلح الجزاء جزئياً لنظر القضايا الجديدة التي تحال إليها يومياً من المراكز الأمنيــــة، مع بقاء جميع المحاكم مفتوحة وبالحد الأدنى من عدد الهيئات الحاكمة لغايات تسيير الأعمال الطارئة.

وبين التقرير السنوي أن عدد النزلاء الذين تم الإفراج عنهم لمواجهة ظاهرة اكتظاظ مراكز الاصلاح والتأهيل حفاظا ًعلى صحة وسلامة النزلاء مامجموعه (4507) نزيلاً، كان منهم (1399) نزيلاً من الممحكومين على حساب قضايا الشيكات والتي تقل قيمتها عن مئة ألف دينار و(2708) نزيلاً من المحكومين على حساب القضايا المدنية والتي تقل قيمتها عن مئة ألف دينار، بالإضافة إلى (400) موقوفاً من الموقوفين على حساب القضايا الجنحوية والجنايات والتي لا تشكل خطراً على الأمن المجتمعي، والتي جاءت نتيجة للإجراءات والقرارات الصادرة عن المجلس القضائي والتي اتسمت بسرعة اتخاذها وتنفيذها، هذا بالإضافة إلى النهج الذي تبناه المجلس في التوسع في تفعيل بدائــل التوقيف والعقوبات المجتمعيــــة.

ومن جهة أخرى، فقد بين التقرير السنوي أنه وفي سبيل توفير ضمانات المحاكمة العادلة للنزلاء والوصول إلى العدالة الجزائية الناجزة فقد اخذ المجلس القضائي على عاتقه، وتماشياً مع السياسات الوطنية والوقائية، وبالتعاون مع وزارة العدل وإدارة مراكز الاصلاح والتأهيل ومديرية الأمن العام استخدام التقنيات الحديثة في إجراء التحقيقات أمام الضابطة العدلية والنيابة العامة بالإضافة إلى جلسات المحاكمات من خلال استخدام تقنية المحاكمات (عن بُعد) من خلال وسائل الاتصال المرئي المتاحة، حيث اشار التقرير إلى أنه قد تم عقد ما مجموعه (9000) محاكمة (عن بعد) خلال العام بالتنسيق مع إدارة مراكز الاصلاح والتأهيل لترتفع بذلك بنسبة (800%) مقارنة بالأعوام السابقة، حيث شمل ذلك إجراءات التحقيق ونظر قضايا مخالفات أوامر الدفاع والقضايا المنظورة أمام محاكم الجنايات الكبرى ومحاكم البداية بصفتها الجنائية والتي أسهمت في الحفاظ على ما تم انجازه في السنوات الماضية من تقليص لمدد التقاضي والإبقاء عليها ضمن المدد القانونية المعقولة، وهو ما مكن أعضاء النيابة العامة والسادة القضاة من إنجاز ما نسبته 98% من مخالفات أوامر الدفاع في نهاية العام بكل اقتدار، هذا بالاضافة إلى التوسع في إجراءات التحول الرقمي للمعاملات والطلبات الإجرائية التي تتم في دوائر التنفيذ وتفعيل العمل (عن بُعد) للسادة قضاة التنفيذ والتسجيل الالكتروني للدعاوى والطعون والدفع الإلكتروني للرسوم، وفقاً لما اشار إليه التقرير.

 وكانت هذه الإجراءات المتخذة بوابة الانطلاق نحو قضاء تقني الكتروني ونقطة انطلاق وتحول نحو مرحلة جديدة في التشريع الأردني، حيث تم وللمرة الأولى تبني تطبيق التقنية الحديثة في إجراء التبليغات القضائية المعتمدة قانوناً ونظام الإيداع الإلكتروني للأوراق القضائية في محاكم الاستئناف كافة، مما أسهم في ترشيد عدد الجلسات الحضورية والاسراع في الإجراءات القضائية، وقد تم ذلك كله بالتوازي مع الإجراءات التي اتخذت في سبيل رفع قدرات السادة القضاة والمدعين العامين لاستخدام التقنية من خلال عقد عدد من الدورات التدريبية باستخدام وسائل التواصل المرئي بلغت وفقاً لما تضمنه التقرير السنوي (33) دورة تدريبية متنوعة بالإضافة إلى عقد (70) محاضرة لطلبة برنامج دبلوم المعهد القضائي عقدت (عن بعُد).

كما واشار التقرير السنوي إلى محاور الخطة التي وضعها المجلس القضائي للتعامل مع الأزمة والتي جاءت على أربعة مراحل شملت (مرحلة الحظر الشامل ومرحلة الحظر الجزئي ومرحلة ما بعد الحظر ومرحلة ما بعد العطلة القضائية).

وعلى صعيد أخر، فقد أوجز التقرير السنوي أهم ما تم تحقيقه على مستوى الخطة الاستراتيجية لتطوير قطاع العدالة، والتي كان أهمها توحيد محاكم عمان الابتدائية الأربع (شمال عمان، وغرب عمان، وشرق عمان، وجنوب عمان) وضمهم إلى محكمة عمان الابتدائية في قصر عدل عمان، وذلك بعد صدور النظام المعدل لنظام تشكيل محاكم الصلح والبداية وتحديد الصلاحية المكانية لمحاكم الصلح والبداية والاستئناف رقم (14) لسنة 2020. وإضافة إلى إعداد وإطلاق استراتيجية تطوير النيابة العامة للأعوام (2021 -2025) والتي هدفت إلى الارتقاء بجودة إدارة الدعوى الجزائية بجميع مراحلها (الاولي والابتدائي والنهائي)، وتعزيز الضمانات الكفيلــة باحترام حقوق الانسان وتفعيل استخدام بدائل التوقيف، وتعزيز علاقـــة النيابـــــة العامـــــة مع الشـركاء محليــاً ودوليـــاً، وتطويـــر إجراءات تنفيــذ الاحكــام الجزائية والعقــوبـــات المجتمعيـة، والتوسع في استخدام التكنولوجيــــا والخدمات الالكترونية. ويتطلع المجلس القضائي في عام 2021، كما هو وارد في التقرير، إلى إعداد استراتيجية السلطة القضائية للأعــوام (2022-2025) بشكل متوازٍ مع استراتيجية تطوير النيابة العامة للأعوام (2021-2025).

أما على صعيد الإنجازات المتحققة على مستوى أعمال المحاكم ودوائر النيابة العامة والقضاء الإداري فتشير الإحصائيات التفصيلية التي تضمنها التقرير لأعمال الجهاز القضائي بكافة درجاته وتخصصاته أن مدور كافة المحاكم بتاريخ 1/1/2020 بلغ (79799) دعوى، وبلغ عــــدد الدعـاوى الواردة إليها خلال العام ما مجموعه (332122) دعــوى، وبمعدل عبء سنوي للقاضي الفرد (524( دعوى، في حين بلـغ عـدد الدعـاوى المفصـولة عن كافة المحاكم (317083) دعــــوى بنسبة إنجاز بلغت 95,5% وبمعدل إنجاز للقاضي الفرد (403) دعوى وبمعدل مدة تقاضي بلغت (78) يوماً. قد بلغ مدور جميع المحاكم في نهاية العام (94838) دعــوى.

ومن جهة أخرى، ورد إلى دوائر الادعاء العام ما مجموعه (62839) دعوى لمخالفة أوامر الدفاع ليبلغ ورادها الكلي من الدعاوى التحقيقية خلال العام (151295) دعاوى، كما وبلغ فصل هذه الدوائر (151706) دعوى كان من ضمنها (62652) دعوى لمخالفة أوامر الدفاع، أي بنسبة انجاز (99%) من دعاوى مخالفات أوامر الدفاع، في حين بلغ مدور هذه الدوائر من القضايا التحقيقية في نهاية العام ما مجموعه (2082) دعوى.

كما وحققت النيابة العامة الجمركية والضريبية في العام الثاني من إلحاقها بالنيابة العامة إنجازاً على مستوى المبالغ المحصلة والتي تم رفد الخزينة العامة بها ما يقارب الخمسون مليون دينارٍ، حيث بلغ مجموع المبالغ التي حُصلت من قبل النيابة العامة الضريبية ما يقارب ستة وأربعون مليون دينار، وبلغت المبالغ التي تم تحصيلها من قبل النيابة العامة الجمركية ما يقارب الاربعة ملايين دينار. 

وأما على مستوى القضاء الإداري، فقد حققت المحكمة الإدارية العليا إنجازاً على مستوى عدد الدعاوى المفصولـــــة التي بلغت (311) دعوى حيث بلغت نسبة الفصل لديها (93.1%)، وبلغ معدل مدة التقاضي لديها (71) يوماً، ومن جهة أخرى، بلغ وارد المحكمة الإدارية (590) دعوى. 

وقد بين التقرير السنوي انه وبهدف تزويد السادة القضاة بالمعارف القانونية وبكل ما هو مستحدث في الإجراءات القضائية فقد نفذ المعهد ما مجموعه (123) نشاطاً وبرنامجاً بلغ عدد المشاركين فيها (2489) مشاركاً، وبلغ عدد الإناث المشاركات (841) بنسبة  33,7% من المجموع.

ويتطلع المجلس القضائي في ختام التقرير السنوي لعام 2020 إلى إجراء التعديلات التشريعية الكفيلة بضمان مواكبة الإجراءات القضائية لعجلة التطورات التقنية والتشريعية في الأنظمة القضائية المقارنة، والتوسع في إدماج استخدام التقنيات وتوظيفها بكافة أنواعها في اجراءات التقاضي لضمان عدم توقف هذه الاجراءات في حال أن تعرض قطاع العدالة لأي نوع من الظروف الاستثنائية أو القوة القاهرة مستقبلاً.