accessibility

كلمة رئيس المجلس

السلطة القضائية، كانت ومازالت، حارس مبدأ سيادة القانون بضمان تطبيق أحكامه تطبيقاً سليماً على الكافة دون أي نوع من أنوع التمييـز، ومساءلة جميع مؤسسات الدولة وأفرادها دون استثناء، لتكون بذلك الملاذ الآمن للأفراد لإنصافهم عندما تتهدد مراكزهم القانونية وحرياتهم وحقوقهم، كما وتشكل السلطة القضائية ومن خلال قيامها بدورها الدستوري بتطبيق القانون واستقرار أحكامه وفرض سيادته عاملاً أساسياً لتحقيق الأمن المجتمعـي ومحركاً أساسياً لترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة والنزاهة والشفافية والمساءلة، بما يدفع إلى تعزيز الثقة بمكونات الدولة الرئيسية والتـزام مؤسساتها بأدائها لأدوارها وفق ما رسمه القانون وبما يحقق الأهداف الوطنية، على نحو يسهم في ترسيخ مفهوم دولة القانون وتطوير العلاقات الداخلية والخارجية وتحقيق الحماية القانونية للبيئة الاستثمارية وتشـجيع الاستثمار وتعزيز الاقتصاد الوطني، ولعل ذلك يؤكد أهمية وجود سلطة قضائية مستقلة تنعم باستقلال تاماً عن باقي السلطات وبما يمكن قضاؤها من فرض حكم القانون بكفاءة ونزاهة وصولاً إلى تحقيق العدالة المنشودة الفاعلة.

والسلطة القضائية في المملكة الأردنية الهاشمية ومنذ نشأتها في بداية القرن الماضي شكلت بمكوناتها من محاكم ودوائر نيابة عامة ومحاكم إدارية ركيـزةً أساسية في كيان الدولة الأردنية، وحرصت من ذاك العهد على ضمان حق الوصول إلى العدالة وحماية الحقوق والحريات ومكافحة الجريمة وتحقيق الردع العام والخاص والحفاظ على المال العام والحفاظ على هيبة الدولة بتطبيق حكم القانون وسيادته على الكافة بعيداً عن أي تمييـز أو محاباة أو محسوبية، فأرست بأحكامها واجتهاداتها مبادئ قانونية وقضائية رسمت سياسات المنظومة التشريعية المتصلة بأعمالها والسياسات العقابية ومبادئ الحكومة الرشيدة ومنظومة النزاهة ومكافحة الفساد.

ومنذ بداية الألفية الثانية، جـاءت الرؤى الملكية السامية لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين- حفظه الله ورعاه، لتؤكد على الدور الذي تنهض به السلطة القضائية في تكاملية الأدوار المنوطة بالسلطات ومؤسسات الدولة في سبيل قيام دعائم الدولة المدنية وفرض مبدأ سيادة القانون، باعتبار ما تتفرد به السلطة القضائية من صلاحيات دستورية تمنحها سلطة فرض حكم القانون باسم صاحب الجلالة الملك المعظم على الكافة دون استثناء، ولتحظى بذلك بالرعاية الملكية السامية على مدار الأعوام والعقود المنصرمة بوضع خططاً لتطوير أعمال هذه السلطة وأعمال الأجهزة الملحقة بها ورفع كفاءتها وجدارتها، فعبـر القضاء الأردني وخلال هذه العقود بمحطات تاريخية من التغيـر والتطور عززت قيم ومبادئ رسالة القضاء،  وأوجدت نهجاً مؤسسياً حديثاً لإدارة قطاع العدالة وعملية التقاضي وإجراءاتها، القائم على التخطيط الاستراتيجي الهادف المعين بمؤشرات قياس وأطر زمنية محددة، والذي تبنـى منظوراً معاصراً في تكوين السياسات العقابية وبناء المنظومة التشريعية وتوظيف التقنية الحديثة في إجراءات التقاضي، وذلك بحثاً عن أفضل الممارسات  لتحقيق أوجه العدالة الناجزة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وخلق بيئة آمنة للاستثمار، وليغدو القضاء الأردني وبشهادة ملكية سامية كافلاً لتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي والســـياسي.

والسلطة القضائية وإذ تعكف على ترسيخ مبادئ رسالة القضاء والعدالة والإنصاف، فإنها تسعى اليوم ومن خلال المجلس القضائي إلى تحقيق المزيد من التطور والتحديث في أعمال الجهاز القضائي والأجهزة المرتبطة به على كافة المستويات، سواء  ما تعلق بأعمال العدالة المدنية والجزائية والمدنية وعدالة الأحداث أو تحسين بيئة العمل في المحاكم أو رفع قدرات السادة القضاة من خلال بناء خطط تدريبية متخصصة ومستمرة، جنباً إلى جنب استقطاب الاكفاء لبرنامج دبلوم المعهد القضائي لتأهيلهم تأهيلاً علمياً وعملياً تمهيداً لتوليهم منصب القضاء، هذا إضافة إلى السعي نحو تطوير أعمال النيابة العامة والتوسع في أعمالها لضمان تحقيق الأمن المجتمـعي والردع العام والخاص.

كما وتولي السلطة القضائية عنايتها لتطوير أعمال القضاء الإداري للحفاظ على حقوق الأفراد وحرياتهم ومصالح مؤسسات الدولة وفقاً لما تقتضيه أحكام التشريعات، هذا إضافة إلى العمل على تطوير أعمال جهاز التفتيش القضائي لضمان تعزيز الارتقاء بجودة إجراءات التقاضي والأحكام القضائية، والوقوف على التحديات والإشكاليات العملية الـتي تتعرض التطبيق السليم لحكم القانون.

وإنـــنا في الجهاز القضائي قد أقسمنا بأن نؤدي مهامنا بكل أمانة وإخلاص وأن يكون حكمنا بالعدل والإنصاف القائم على احتـرم القوانين وقيم رسالة القضاء، وإننا ماضون في المسيرة لتحقيق العدالة وحماية الحقوق والحريات.

 

   رئيــس محكمـــــة التمييــــــز

  رئيـــس المجلــــس القضائـــي

     القاضي محمود العبابـنـة

كيف تقيم محتوى الصفحة؟