accessibility

القضاء الإداري

القضاء الإدراي

أنشئ القضاء الإداري في المملكة الأردنية الهاشمية كمرجع قضائي مستقل يختص  بالفصل في النزاعات الناشئة بين الأفراد والسلطة الإدارية بشأن ما تصدره من قرارات إدارية، فهذا القضاء يعتبر الرقيب الأول على مشروعية أعمال الإدارة والحصن الحصين لضمان وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم، وانطلاقاً من أهمية هذا القضاء ولتعزيز الحماية للأفراد وحرياتهم وتطبيقاً للمبادئ الأساسية للتنظيم القضائي وأهمها  أن يتم التقاضي على درجتين، فقد نص دستور المملكة الأردنية الهاشمية بموجب تعديلاته لعام 2011 على إنشاء قضاء إداري على درجتين ليحل محل محكمة العدل العليا.

 وتنفيذاً لأحكام الدستور صدر قانون القضاء الإداري رقم (27) لسنة 2014 والذي نص بموجبه في المادة (3) على إنشاء القضاء الإداري المؤلف من المحكمة الإدارية كمحكمة درجة أولى تختص دون غيرها بالنظر في جميع الطعون المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية كأصل عام، والمحكمة الإدارية العليا والتي تختص بالنظر في الطعون التي ترفع إليها في جميع الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة الإدارية وتنظر في الطعون من الناحيتين الموضوعية والقانونية.

ومن أبرز التطورات التشريعية التي عززت دور القضاء الإداري بالإضافة إلى أنه قد أصبح على درجتين، منحه اختصاص النظر في طلبات التعويض عن الأضرار اللاحقة نتيجة القرارات والإجراءات الداخلة ضمن نطاق اختصاص المحكمة إذا رفعت إليها تبعاً لدعوى الإلغاء سنداً لأحكام المادة (5/ب) من قانون القضاء الإداري، وهذه الخطوة تؤكد فكرة العدالة الناجزة من خلال إتاحة المطالبة بالتعويض عن القرار محل الطعن تبعاً لدعوى الإلغاء، كما تختص المحكمة الإدارية سنداً لأحكام المادة (6) من قانون القضاء الإداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بالأمور المستعجلة التي تقدم إليها بشأن الطعون والدعاوى الداخلة في اختصاصها بما في ذلك وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً إذا رأت أن نتائج تنفيذه قد يتعذر تداركها، وهي بذلك تضمن فعالية الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية .

وقد نص قانون القضاء الإداري في المادة (36) على إنشاء نيابة عامة إدارية تشكل من رئيس ومساعدين له تتولى تمثيل الإدارة العامة أمام المحكمة الإدارية والمحكمة الإدارية العليا في الدعوى وجميع إجراءاتها ولآخر مرحلة من مراحلها.

وبين قانون القضاء الإداري إجراءات قيد الدعاوى خلال مواعيد معينة من تاريخ تبلغ القرار الإداري المشكو منه وذلك بتقديم استدعاء الدعوى من قبل محامِ أستاذ مارس المحاماة بهذه الصفة لمدة لا تقل عن خمس سنوات أو عمل في وظيفة قضائية لمدة مماثلة قبل ممارسته للمحاماة، كما تطلب القانون أن تتوافر ذات الشروط في المحامي الذي يمثل أمام القضاء الإداري.

وتماشيًا مع حرص المجلس القضائي على تقديم الدعم القانوني والفني والإداري للمحكمة الإدارية العليا في مهامها، تم إنشاء مكتب فني على غرار المكاتب الفنية لدى محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف يتولى تقديم الدعم القانوني لقضاة المحكمة الإدارية العليا، من خلال إجراء الدراسات القانونية المتخصصة وتصنيف القضايا والتحقق من القبول الشكلي، وتصنيف وتبويب مبادئ القضاء الإداري.

نشأة القضاء الإداري

  • نص دستور المملكة الأردنية الهاشمية الصادر في عام 1952 على إصدار قانون خاص تعين فيه أنواع جميع المحاكم ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها وكيفية إدارتها، وأشار الدستور صراحةً على أن يتضمن هذا القانون إنشاء محكمة عدل عليا. وعملاً بذلك، صدر قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (26) لسنة 1952 والذي أوكل لمحكمة التمييز – كمحكمة عدل عليا – الاختصاص بنظر طلبات إلغاء القرارات الإدارية بصفة أساسية والطعون المتعلقة بانتخابات المجالس البلدية والمحلية، وهي اختصاصات حددها المشرع على سبيل الحصر، وتقتصر على قضاء الإلغاء دون قضاء التعويض. وبهذا أصبح لدينا منذ عام 1952 قضاء يتولى نظر طلبات إلغاء القرارات الإدارية.

  • على الرغم من عدم استجابة قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (26) لسنة 1952 للنصوص الدستورية بإنشاء محكمة عدل عليا، فإن الواقع العملي يظهر أن محكمة التمييز بوصفها محكمة عدل عليا، تولت تطبيق قواعد القانون الإداري في المنازعات الإدارية التي عرضت عليها. وقد أرست في أحكامها الواسعة المبادئ القانونية التي شملت جُلَّ جوانب موضوعات القانون الإداري، وساهمت بشكل فعّال في نشأة وتطور قواعد القانون الإداري في الأردن خلال هذه المرحلة.

  • في 9 آذار 1989، تم إصدار قانون محكمة العدل العليا رقم (11) لسنة 1989، والذي بدأ سريانه في التاريخ ذاته. أقر هذا القانون تأسيس محكمة عدل عليا مختصة في النظر في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية، والطعون المتعلقة بانتخاب المجالس البلدية والغرف التجارية والجمعيات، وتضمن القانون أيضًا إلغاء اختصاص محكمة التمييز كمحكمة عدل عليا، وجعل محكمة العدل العليا مستقلة تمامًا عن محكمة التمييز. وبصدور هذا القانون، تم إنشاء نظام قضائي إداري مستقل، مما فتح آفاقًا واسعة أمام تطوير وتعزيز دور القضاء الإداري في الأردن، وذلك من خلال ترسيخ قواعد القانون الإداري، وتعزيز مبادئه، وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم في التعامل مع السلطات الإدارية، ويكون بذلك قد انتقل النظام القضائي من مرحلة القضاء الموحد إلى مرحلة القضاء المزدوج.

  • في 25 آذار 1992، تم توسيع اختصاصات محكمة العدل العليا بصدور القانون رقم 12 لسنة 1992، والذي بدأ سريانه في التاريخ ذاته. لتشمل جميع الطعون المتعلقة بقرارات الوظيفة العامة، والطعون المتعلقة بانتخابات المجالس البلدية والغرف التجارية والنقابات والجمعيات، بالإضافة إلى الطعون الانتخابية. وقد أقر القانون الاختصاص بنظر طلبات التعويض إلى جانب طلبات الإلغاء، مما جعل اختصاص المحكمة شاملاً لكل من الإلغاء والتعويض. كما ألغى القانون التحصينات المقررة للقرارات الإدارية بغض النظر عن جهة إصدارها.

كيف تقيم محتوى الصفحة؟