انطلقت اليوم السبت في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات بمنطقة البحر الميت، فعاليات المؤتمر الدولي الثاني حول التحديات القانونية في مواجهة الجرائم المستحدثة، الذي تنظمه النيابة العامة، بالتعاون مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والمنظمة الدولية للهجرة.
ويهدف المؤتمر الذي تشارك فيه اكثر من 15 دولة عربية وأجنبية، إلى التعرف على أنماط وصور الجرائم المستحدثة وتطورها السريع وخطورتها، وتحديد ومناقشة التحديات التي تواجهها، وتطوير برامج وآليات في مكافحتها وفقا لأفضل الممارسات، إضافة إلى إبراز أهمية التعاون القانوني والقضائي الدولي في مكافحة الجرائم عبر الوطنية، وضمان مواكبة التشريعات والاتفاقيات لتطورات السياسة الجنائية المعاصرة.
وقال رئيس محكمة التمييز، رئيس المجلس القضائي، محمد الغزو، خلال حفل الافتتاح الذي حضره وزير العدل بسام التلهوني، إن المؤتمر جاء لإذكاء الوعي بالتهديدات التي تشكلها الجريمة المنظمة، وهي من أخطر الآفات تهديدا لأمن المجتمعات الدولية في العصر الحديث، كونها ترمي بظلالها السلبية على اقتصاد الدول النامية وتستغل التطور العلمي والتقني والاضطرابات الإقليمية والاقتصادية، وضعف الأنظمة السياسية والقانونية في بعض الدول، واتساع رقع الصراعات الإقليمية والدولية.
واكد الغزو، ضرورة تعزيز التعاون الجنائي الدولي، وتكاملية الأدوار والتبادل المعلوماتي، وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية بين أجهزة النيابات العامة ومؤسسات إنفاذ القانون لمجابهة التحديات التي تقف عائقا أمام مكافحة الجريمة المنظمة.
وبين أن اتساع انتشار المنصات الإلكترونية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي دون حماية كافية، ساهم في ازدياد أعداد الجرائم مثل جرائم الاتجار في البشر، والابتزاز والتزوير والاحتيال الإلكتروني، والفساد، وغسيل الأموال، والإرهاب، وتجارة الأسلحة.
وأكد أن الأردن اتخذ خطوات جادة في مجال مراجعة المنظومة الجنائية وإجراءات ملاحقة الجريمة المستحدثة والمتطورة من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الدولية، والاتفاقيات ذات الصلة في مكافحة الاتجار بالبشر والمخدرات وجرائم غسل الأموال والفساد، تماشيا مع رؤية جلالة الملك في تعزيز سيادة القانون ومكافحة الإرهاب، وجميع أشكال الفساد والمحسوبية وترسيخ مبدأ التخصص القضائي واستحداث تخصص قضائي لمثل هذه الجرائم.
من جهته، قال رئيس النيابة العامة، القاضي يوسف الذيابات، إن المجلس القضائي وايمانا منه بأهمية تطوير النيابة العامة أطلق استراتيجية شاملة للأعوام 2021-2025 ركزت على عدة محاور وتضمنت أهدافا وبرامج متنوعة حققت إلى الآن أهدافا كثيرة منها، إذ قام المجلس بدعم عمل الاستراتيجية وسهل خططها التنفيذية للارتقاء بجودة إدارة الدعوى الجزائية بجميع مراحلها، ولتنمية وتطوير القدرات المعرفية لأعضاء النيابة العامة، وتعزيز الضمانات الكافية والكفيلة لاحترام حقوق الانسان، وتفعيل استخدام بدائل التوقيف والعقوبات المجتمعية والتوسع في استخدام التكنولوجيا والخدمات الإلكترونية.
وأضاف، إن المجلس ركز كذلك على ضرورة زيادة مأسسة أعمال النيابة العامة، وتوطيد العلاقة مع الشركاء في قطاع العدالة، ومواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي لما له من أثر في مكافحة الجريمة، وحرصه الدائم على دعم جهود النيابة العامة في الانفتاح نحو المزيد من الشراكة الفاعلة لزيادة دعم المنظومة القضائية.
بدوره، قال أمين المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، خالد بن عبدالعزيز الحرفش، إن التقدم المتسارع الذي يشهده العالم في مختلف المجالات أسهم في ظهور أنماط مستجدة من الجرائم غير التقليدية نتج عنها آثار سلبية على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأمنية ما يستلزم بذل المزيد من الجهود التعاونية لتحديث وتطوير أساليب لمكافحة هذه الجرائم، والحد من آثارها التي تهدد أمن الأفراد والمجتمعات واستقرارهم.
وأضاف، إن المؤتمر جاء للارتقاء بالشراكة المثمرة والمتميزة مع النيابة العامة الأردنية والمنظمة الدولية للهجرة في سبيل تحقيق السلام والأمن الدولي والتعرف على أنماط وصور الجرائم المستحدثة وتطورها السريع وخطورتها ومناقشة التحديات التي تواكبها وتطوير برامج وآليات لمكافحتها وفقا لأفضل الممارسات، وإبراز دور التعاون القضائي والقانوني الإقليمي والدولي.
من جهته، قال المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، عثمان البلبيسي، إن الحروب والكوارث الطبيعية أدت إلى فقدان عشرات الآلاف من الأرواح ونزوح الملايين ما يتطلب توفير بيئة آمنة لهم ولعائلاتهم، مؤكدا أن أكثر من 20 مليون حالة نزوح سجلت في العالم بين عامي 2019 و و2020 في العالم بسبب الكوارث الطبيعية.
وأضاف، إن ازدياد عوامل هجرة الأشخاص مثل نقص الفرص التي تساعدهم لتحسين ظروفهم المعيشية أوجدت نموذج عمل مريحا للمنظمات الإجرامية عبر الحدود التي تستغل بشكل كبير من يسعون لإيجاد مستقبل أفضل، إذ لجأت العديد من هذه المنظمات لأساليب عديدة لتعزيز أرباحها بما في ذلك الانخراط بأنشطة غير قانونية مثل الاتجار بالبشر، وتجارة المخدرات وغسيل الأموال والأسلحة، مؤكدا أن العديد من هذه الجرائم ترتكب عبر منصات إلكترونية تتطور باستمرار ما يزيد من صعوبة تعقبها .
ويناقش المؤتمر الذي يستمر 3 أيام عدة محاور أهمها، دور التعاون القانوني والقضائي الدولي في مكافحة الجرائم عبر الوطنية، والتحقيقات المالية الموازية وإدارة المتحصلات والمحجوزات في جرائم غسل الأموال، وتحقيق واثبات جرائم تقنية المعلومات، وأثر الذكاء الاصطناعي على الأمن الرقمي،و الأطر القانونية الدولية لجرائم الاتجار في البشر، وتحديات تعزيز الحماية القانونية والقضائية للبيئة والمناخ، والجوانب القانونية للهجرة غير الشرعية.
وناقشت جلسات المؤتمر في يومه الأول عدة أطر قانونية تتعلق بالتعاون القانوني والقضائي عبر الوطنية، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي على الأمن الرقمي.
وضمن الجلسة الأولى التي ترأسها النائب العام المصري المستشار محمد شوقي، تحدث قانونيون ومختصون عرب وأجانب عن دور التعاون القانوني والقضائي الدولي في مكافحة الجرائم عبر الوطنية، ومنها جرائم الشركات، وأهم النتائج المكتسبة من خلال الشراكة وتعزيز التعاون مع المختصين الأجانب، وتحديات وفرص آليات التعاون الدولي في مواجهة الجرائم عبر الوطنية.
وأجمع المتحدثون، على أن الجريمة تحولت من مجرد ظاهرة اجتماعية الى تهديد مباشر للأمن والسلم المجتمعي فأصبح المجتمع الدولي مطالبا ببذل المزيد من الجهود لتنمية وتطبيق الآليات القانونية الدولية ذات الصلة بالجريمة والعدالة الجنائية.
وناقشت الجلسة الثانية التي ترأسها قاضي محكمة التمييز ناصر التل، أثر الذكاء الاصطناعي على الأمن الرقمي، وارتباطه بقطاع العدالة، وتأثيره على الجرائم الإلكترونية، وأهمية الضبط الجنائي الإلكتروني ودوره في الحد من الجرائم المستحدثة، وأهم التحديات القانونية والأخلاقية لاستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي.
وأكد المتحدثون تزايد تأثير برامج الذكاء الاصطناعي على الأمن الرقمي، إذ تستخدم لأغراض سلبية تشمل الجرائم الإلكترونية، وأخرى إيجابية لتعزيز الأمن السيبراني، مشددين على أهمية تسخير الذكاء الاصطناعي في تعزيز برامج الحماية والأمن من مخاطر الهجمات وتعزيز قدرات الاختراق وابتزاز الضحايا.
وأشاروا الى أن تبني برامج الذكاء الاصطناعي يثير مخاوف كبيرة بشأن الأمن الرقمي بسبب الطرق العديدة التي يمكن للمجرمين استخدامها في هجماتهم وتحقيق أرباح من عدة أنشطة إجرامية.